هذه الحلقة الرابعة التي سنتعرف فيها إن شاء الله على القسم الثالث من علامات الساعة الصغرى أي العلامات التي لم تظهر بعد والتي أخبرنا بها الصادق المصدوق ﷺ وهي واقعة لا شك في هذا.
هذا رابط الحلقة : اضغط هنا
من العلامات الصغرى
التي لم تظهر بعد:
عودة جزيرة العرب جنات وأنهاراً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ﴿لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا﴾.
انحسار الفرات عن جبلٍ من ذهب: روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ﴿يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا﴾. كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ﴿لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو﴾.
انتفَاخ الأهلّة: أي يرى الهلال منتفخاً كبيرا في أول ليلة من الشهر كأنه ابن ليلتين، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ﴿مِن اقْتِرابِ السَّاعَةِ انتِفَاخُ الأهِلَّةِ﴾. وقال رسول الله ﷺ: ﴿مِنَ اقترابِ الساعةِ أنْ يُرَى الهلالُ قَبَلًا فيُقالُ: لِلَيْلَتَيْنِ وأنْ تُتَّخَذَ المساجدُ طرُقًا وأنْ يَظهَرَ موتُ الفَجأةِ﴾، فلقد أصبحنا نرى اليوم أن الناس اتخذوا المساجد طرقاً وعبوراً من غير أن يؤدي المار فيها تحية المسجد، وكثرة موت الفجأة، ألم تسمع فلان كان جالسا فمات شاب كان نائما فمات لم يكن مريضا أو أصابه أدى والناس بدأت تقول بسبب سكتة قلبية لا هذا اسمه موت الفجأة وهو من علامات اقتراب يوم القيامة نسأل الله تعالى حسن الخاتمة. قَالَ الله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)﴾. وقَالَ ُالله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
تكليم السّبَاع والجمَاد الإنسَان: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ﴿والَّذي نفسي بيدِه، لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يُكلِّمَ السِّباعُ الإنسَ، ويُكلِّمُ الرَّجلُ عذَبَةَ سوطِه، وشِراكَ نعلِه، ويُخبِرُه فخِذُه بما حدَّث أهلُه بعدَه﴾. والسِّباعُ هي الحيواناتُ المتوحشة كالأسد والذئب وغيرهم، والمعنى: أنَّ تِلك الحيواناتِ سوف تتحدَّثُ مع الإنسانِ، ومِن علاماتِ السَّاعةِ أيضًا أن تتحَدَّثَ عذَبةُ السَّوطِ إلى صاحبِها يَعْني بما أحدَثَت يَداه، وعذَبةُ السَّوطِ طرَفُه، وأيضًا أن يتَحدَّثَ رِباطُ الحِذاءِ مع صاحبِه بما مشَتْ إليه رِجلُه، وسوف تُخبِرُه فَخِذُه بما حدَث في غيبته، وبِما رآه سِرًّا.
إخراجُ الأرضِ كنوزَهَا: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ﴿تَقِيءُ الأَرْضُ أَفْلاَذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قَتَلْتُ. وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي. وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلاَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا﴾. وهذه آية من آيات الله، حيث يأمر الحقُّ الأرض أن تخرج كنوزها، وقد سمَّى الرسول ﷺ تلك الكنوز (بأفلاذ الكبد)، أي: تخرج الأرض ما في جوفها من القطع المدفونة فيها، والأسطوان جمع أسطوانة، وهي السارية أو العمود، وعندما يرى الناس كثرة الذهب والفضة لا يكترثون، ويتألمون لأنهم ارتكبوا الذنوب والمعاصي في سبيل متاع الحياة الدنيا الفانية. كما قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾.
خروج رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ والجهجاه: روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ﴿لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ﴾. فسيظهر في آخر الزمان رجل من قحطان لم يُذكَر في الحديث اسمه، وقَحْطَانَ هي قَبيلةٌ منَ القَبائلِ العَربيَّةِ المَشهورَةِ، «يَسوقُ النَّاسَ بعَصاه»، يعني له المُلكِ والسلطة، أي: يَتسلَّطُ على النَّاسِ ويسوقهم كما يَسوقُ الرَّاعي الغَنَمَ. وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ﴿لا تَذْهَبُ الأيَّامُ واللَّيالِي، حتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقالُ له الجَهْجاهُ﴾، إذا سيظهر في آخر الزمان ملك من المماليك يُسمّى بالجهجاه.
هدم الكعبة: يقول رسول الله ﷺ: (يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ)، ففي آخر الزمان يسيطر الحبشة على الكعبة، ويقودهم ذو السويقتَين، كناية عن دقة ساقيه، وهو رجلٌ أسود، أفحج أي متباعد ما بين السّاقين، أصلع أيّ لا شعر له، وهو رجلٌ حبشي من أهل الحبشة وهي تمثل بلاد أثيوبيا حاليًا فيهدمون الكعبة، ويستخرجون كنزها، ولا يتم إعمارها بعد ذلك أبداً، ويكون ذلك إيذاناً بخراب الدنيا.
ريح تقبض المؤمنين: ففي الحديث الذي ذكر فيه الدجال وصفاته الذي سنتعرف عليه في الحلقات القدمة إن شاء الله، يقول ﷺ: (إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعليهم تَقُومُ السَّاعَةُ)، دل هذا الحديث على أنّ الريح تكون بعد يأجوج ومأجوج وخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام، وهذه العلامة ستكون مصاحبة للعلامات الكبرى، وفي حديث آخر عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ : ﴿لاَ يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّتُ وَالْعُزَّى﴾. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ: ﴿إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ﴾.
ثلاث فتن عظيمة ستحصل في الأمة وهي الأحلاس وَالسَّرَّاءِ، والدُّهَيْمَاءِ: عن عبدِ الله بنِ عُمَر قالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُعُودًا فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ ذِكْرَهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ: ﴿هِيَ فِتْنَةُ هَرَبٍ وَحَرَبٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَلُهَا - أَوْ: دَخَنُهَا - مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي إِنَّمَا وَلِيِّيَ الْمُتَّقُونَ ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَإِذَا قِيلَ انْقَطَعَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطُ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطُ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ إِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ﴾.
طبيعة فتنة الأحلاس هَرَب وَحَرَب، يعني: يفر الناس من بعضهم البعض، فيكون بينهم عداوة وقتال شديد، يُسْلَبُ ويُنْهَبُ أموال وأعراض بعضهم بعضاً. ثم فتنة السراء بعد فتنة الأحلاس، والمراد بالسراء: النعمة التي تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء، هذه فتنة السراء، ابتلوا قبلها بالضراء بعد ذلك تهدأ الأمور، وتضع الحرب أوزارها، ويبتلوا بعد ذلك بفتنة السراء من الصحة والعافية من البلاء والوباء، ولكنها سراء تنسيهم ذكر الله، وعبادته فيقعون في المعاصي بسبب كثرة التنعم فيظهر رجل من أهل بيت النبي ﷺ، أي من النسل النبوي الشريف، لكنه ليس من المتقين فيحكم الناس وهو ليس أهلا للولاية لقلة علمه وخفة رأيه، وأخيرا الدهيماء: الداهية التي تدهم الناس بشرها هي الفتنة العظمى المظلمة.
تَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ﴿مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ﴾. يُبيِّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ مِن أَشراطِ السَّاعةِ أنْ يَتضاعَفَ عَددُ النِّساءِ حتَّى لا تَجِد الخمْسون امرأةً سِوى رجُلٍ واحدٍ يَكفُلُهنَّ ويَعولُهنَّ ويَقومُ بشُؤونِهنَّ فربما السبب كثرة إنجاب الإناث أكثر من الذكور أو يَقِلُّ عدَدُ الرِّجالِ نَتيجةَ الحروبِ، فالعلم عند الله.